*المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان
يكتسي الدستور، كقانون أسمى للدولة والمجتمع في مجال حقوق الإنسان، طابع وثيقة مرجعية، مؤسسة وموجهة لكل ما يتصل بقضاياها، من حيث الفكر والثقافة والتشريع وأدوار ووظائف السلط والمؤسسات وسائر المعنيين وفي مقدمتهم المجتمع المدني.
وسيظل تفسير الوثيقة الدستورية في مجال حقوق الإنسان، من خلال الوقوف عند أحكامها ومقاصدها وغاياتها، عملية متجددة. مثلما ستظل، بحكم غناها وثرائها، ملهمة لمختلف زوايا النظر ولمقاربات إعمال مضامينها ومقاصدها. وسيكون تفسيرها، عند الرجوع إلى القانون الدولي والاجتهاد القضائي الوطني وأعمال الفقه، الأكثر ثراءً.
يتعرض هذا التقديم لموضوع الحماية الدستورية لحقوق الإنسان، من خلال محورين:
الأول: ألفاظ الدستور ليست كسائر الألفاظ.
الثاني: مقارنة مقتضيات دستورية مع مثيلاتها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
أولاً: ألفاظ الدستور ليست كسائر الألفاظ
يتوقف الأستاذ الفقيه محمد أشركي، رئيس المجلس الدستوري سابقاً، عند الوثيقة الدستورية، وتعكس نظرته، وقع التحول، حيث يعتبر:
"كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة (الصوفي الكبير محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري)"، وألفاظ الدستور ليست كسائر الألفاظ، بل مشحونة بالمعاني الحقوقية المحملة بالدلالات القانونية والسياسية. هي ألفاظ كلما زدناها نظراً زادتنا حديثاً أو
هذا التحول النوعي والجوهري رافقه أيضا تحول لغوي واصطلاحي، فانطلاقا من التصدير وعبر فصوله ال 180 يخاطبنا الدستور أحيانا بألفاظ مألوفة وأحيانا أخرى بمفردات مستجدة أمازيغية حسانية عبرية، امرأة، طفل، شباب أجيال، مواطنة، أجانب بيئة حضارة هوية، قانون دولي ... مفردات ليست إلا غيضا من الفيض اللغوي والاصطلاحي الغزير للدستور الجديد للمملكة.»
وتبقى قيمة هذا التقدير الفقهي دعوة للتفكير العلمي لبناء مرجعية لحقوق الإنسان متحررة من القراءات النصية والأروتودكسية.
ثانيا : مقارنة مقتضيات دستورية مع مثيلاتها في العهد الدولي الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية
يتوخى هذا المحور الوقوف عند مستويات إعمال الدستور لالتزامات المملكة المغربية على مستوى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تمت دسترها على نحور نوعي. وبيان ذلك من خلال الموضوعات والقضايا الآتية.
بخصوص عدم التمييز
ارتقى الدستور بمبدأ عدم التمييز الوارد في المادة الثانية من العهد الدولي، إلى درجة مبدإ دستوري، وتم تضمينه في تصدير الدستور على وجه المنع والمكافحة وإدانة كل أشكال التمييز. ويسجل هنا أن التزام الدولة لم يكن على سبيل التعهد فقط، كما أن هذا المبدأ وارد في الوثيقة الدولية، بل تم تحصينه في الوثيقة الدستورية من كل الممارسات أو الانتهاكات أو الأفعال الضارة التي تقع خرقا له، مما يجعل الالتزام الوطني على هذا المستوى أقوى من الدرجة المثار بها الموضوع دوليا. إن الفرق شاسع بين تعهد الدولة باحترام الحقوق وبكفالتها دون تمييز، وبين حظر ومكافحة التمييز.
ويتميز التزام الدستور بهذا المبدأ في مرحلة ثانية بالشمولية والإطلاق عند استعماله تعبير كل أشكال التمييز، إذ كان بإمكان الوثيقة الدستورية، أن تكتفي بالإقرار بالحقوق المعترف بها مشفوعة بعدم تمييزها، والحال أن التزامها يمتد ليشمل كل الأشكال المعروفة الواردة في المادة الثانية من العهد الدولي. كما خص الدستور الحالات التي يمكن أن تكون موضوعا للتمييز في المجتمع، بسبب ثقل أو تأثير الاعتبارات أو القيود السوسيوثقافية. ففضلا عن شمولها لما هو متعارف عليه عالميا، بالتنصيص الصريح على التمييز بسبب الجنس أو اللون، وما يدخل في عداده، تم التوقف عند أوصاف لم تذكرها الوثيقة الدولية كالثقافة والإعاقة، أو بإعادة التكيف من حيث الوصف، فيما يخص الانتماء الاجتماعي والجهوي والمعتقد.
ولصيانة مبدا عدم التمييز وإكسابه حصانته الدستورية، أضاف التصدير للالتزام الدولي موضوع عدم جواز التأويل السالف الذكر، وجعله شرطا مانعا لكل تمييز، كيفما كان شكله أو مصدره أو باعثه بالتنصيص صراحة، على أي وضع شخصي مهما كان، وكما هو محدد دستوريا، فالتصدير جزء لا يتجزأ من الدستور. وفي ضوء ما ذكر، يتأكد أن المقتضى الدستوري الذي أعمل التزام المملكة المغربية الدولي بهذا الخصوص، كان مبدئيا، نوعيا ومطورا.
بخصوص المساواة بين الرجال والنساء
لم يقتصر الدستور بخصوص موضوع المساواة بين الرجال والنساء على ما ورد في المادة الثالثة من العهد الدولي، من حيث كفالة التساوي، بل تم مد سريان المبدأ، ليقترن بالنظرة للحقوق والحريات ليشمل كافة مجالاتها، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وفي سائر وثائق القانون الدولي لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها.
واقترن سقف ومنسوب إعمال الالتزام بوجوب الملاءمة، في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانيتها، وكما هو محدد في الدستور كقانون أسمى، فإن من ثوابت المملكة اختيارها الديمقراطي، ومكتسباتها في مجال الحريات والحقوق الأساسية، تبعا للفصل 175 منه.
ولم يقتصر الالتزام الدستوري، بمقتضى الفصل التاسع عشر منه على حدود الاعتراف بمبدأ المساواة، بل جعل منه مبدأ دستوريا موجها لكل مجالات الإعمال ومستوياتها، من تشريعات وسياسات عمومية وغيرها، وتم تقييد إعماله الفعلي بوضع آلية دستورية، تتولى تأمين المناصفة والتصدي لكل أشكال التمييز. وعلى هذا المستوى الثاني، يأتي الالتزام الدستوري، تفعيلا المصادقة المملكة المغربية على المواثيق الدولية ذات الصلة، نوعيا ومطورا.
بخصوص احترام حقوق الإنسان في حالات الطوارئ
اسس الدستور بموجب ثلاثة أحكام لكل ما يتصل بحماية حقوق الإنسان، في حالات الطوارئ الاستثنائية، بتأكيده على استمرار البرلمان في ممارسته لمهامه، وفي الإبقاء على ضمان الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها، وفي رفع حالة الاستثناء بمجرد انتفاء أسبابها. وبذلك يكون هذا المستوى الثالث، من حيث تفعيل التزام المملكة الدولي، بمقتضى ما ورد في المادة الرابعة من العهد الدولي، مطورا المكتسباتها الديمقراطية، من خلال الفصل التاسع والخمسين.
بخصوص التأويل وما يتعلق بالمس بالحقوق والحريات
أثار موضوع عدم جواز تأويل حقوق الإنسان المعترف بها عالميا، انشغال المنتظم الدولي منذ اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومرورا بالعهدين الدوليين فسائر المواثيق الدولية ذات الصلة، واستقر التفكير الدولي، على شرط عدم المس بالحقوق والحريات.
وأسست الوثيقة الدستورية، من خلال التصدير والفصل 175 ، لموضوع عدم جواز تأويل العهد، على نحو الحقوق والحريات
وذلك كم أوجه متنوعة من مدخل نظامي آمر، ومن زوايا أخرى فمن حيث المدخل النظامي الأمر، أضحت حقوق الإنسان والحريات الأساسية والاختيار الديمقراطي من ثوابت الأمة التي لا تقبل المراجعة، كما هو الشأن بالنسبة لنظامها الدستوري والدين الإسلامي، وقد وصفت المحكمة الدستورية المبادئ ب الثوابت الجامعة»، التي تستند عليها الأمة في حياتها العامة.
ويزداد تحصين الموضوع بتأكيد دستوري سياسي صريح على التزام المملكة بعضويتها في المنتظم الدولي، والتنصيص الصريح على مشمولات حقوق الإنسان من حيث المبادئ والحقوق والحريات.
بخصوص الحق في الحياة
أعاد الدستور التأكيد على التزام المملكة بمقتضى المادة السادسة من العهد الدولي والمتعلقة بالحق في الحياة، وأعاد وصفه وتكييفه بكونه أول الحقوق لكل إنسان من خلال الفصل العشرين منه.
بخصوص تجريم التعذيب
لم يقتصر الدستور بمقتضى الفصل الثاني والعشرين على الوصف العام الوارد في العهد الدولي على مستوى المادة السابعة منه، بخصوص تجريم التعذيب، بل قيده بشروط قانونية وعملية وسياسية، تعكسها أصداء العدالة الانتقالية، حيث أكد في مستوى أول على عدم جواز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة، وهذه الأوصاف غير مذكورة في المقتضى الدولي.
ودقق الدستور في مستوى ثان على نحو قاطع، وبالأوصاف اللازمة، من حيث المعاقبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة، وعزز كل ذلك في مستوى ثالث باعتبار ممارسته وبكافة أشكاله، وأيا كان مصدرها، جريمة يعاقب عليها القانون.
بخصوص حظر الرق والاتجار بالرقيق
أعاد الدستور، بمقتضى تصديره، وصف التزام الدولة الوارد في المادة الثامنة من العهد الدولي من خلال التأكيد على إرساء المجتمع المتضامن الذي يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، ولا شك أن هذه القيم والمقومات، تتأسس في قطيعة مع مشمولات مادة العهد الدولي المتعلقة بالعبودية والسخرة والعمل الإلزامي.
بخصوص الحق في الحرية والأمن والاعتقال التعسفي وقرينة البراءة والتعويض جراء التوقيف غير القانوني
أعاد الفصل الثالث والعشرين من الدستور ترتيب التزامات الدولة الواردة في المادة التاسعة من العهد الدولي، وذلك بتضمين «أصداء» العدالة الانتقالية، من خلال التنصيص في أسمى وثيقة للأمة، على اعتبار الاعتقال التعسفي أو السري أو الاختفاء القسري، من أخطر الجرائم التي تعرض مقترفيها لأقصى العقوبات ولا غرو أن هذا المقتضى الذي يكتسي طابع حكم مؤسس، ينعكس بالنتيجة على ما يتلوه من أمور أخرى تتصل به. ومن هنا، تم التأكيد على عدم جواز إلقاء القبض إلا بمقتضى القانون.
وتم تعزيز ضمانات الإيقاف والاعتقال، بإخبار الشخص فور اعتقاله وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن ضمنها الحق في التزام الصمت، وهو أمر غير مذكور في العهد، وبالتنصيص على موجبات المساعدة القانونية.
وارتقت الوثيقة الدستورية بكل ما يشمل المثول أمام المحكمة بضمان احترام قرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة. ودققت في إعمال الوصف الدولي، المتعلق بالحق في الحصول على تعويض جراء توقيف أو اعتقال غير قانوني، بالتنصيص على الخطأ القضائي التي تتحمل الدولة التعويض عنه، في نطاق مسؤوليتها.
بخصوص حقوق مسلوبي الحرية
يضمن الدستور، بمقتضى الفصل الثالث والعشرين منه الحقوق الواردة في العهد بموجب المادة العاشرة منه، كمقومات أساسية يعترف بموجبها بتمتع كل شخص معتقل، بحقوقه الأساسية وبظروف اعتقاله الإنسانية، ومن استفادته من برامج للتكوين وإعادة الإدماج.
بخصوص حرية التنقل والمغادرة والعودة
يعيد الدستور طبقا للفصل الرابع والعشرين منه وفي صيغة شاملة تضمين الحقوق الواردة في المادة الثانية عشر من العهد، بخصوص حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه والخروج منه والعودة إليه وبكونها حقوقا مضمونة للجميع.
بخصوص حماية حقوق الأجانب
يتضمن الفصل الثلاثون من الدستور، وعلى نحو أشمل ما يتصل بحقوق حماية الأجانب، مما يجعله مطورا بذلك التزام المملكة الدولي، المنصوص عليه في المادة الثالثة عشر من العهد والمتعلق بتمكين الأجانب من الحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات، ومن المشاركة بالنسبة للمقيمين منهم في الانتخابات الجماعية.
ويقر الدستور في نفس الإطار شروط تسليم الأشخاص المتابعين أو المدانين، محددة بمقتضى القانون.
بخصوص الحق في المحاكمة العادلة
يُضمن الدستور وبطريقة مفصلة، ما ورد في المادتين 14 و 15 من العهد الدولي، بخصوص الحق في المحاكمة العادلة، ومقتضى فصول متعددة، أسس المقوماتها وضماناتها ومرة أخرى، تجد العدالة الانتقالية آثارها على مستوى التفعيل الدستوري
127 بمقتضى الفصول ،117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 و
وهكذا، وعلى التوالي، تم إقرار دور القضاء في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وفي تطبيق القانون وفي إقرار حق التقاضي المضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه المحمية بمقتضى القانون، وفي إقرار حق الطعن أمام القضاء الإداري، وفي تكريس قرينة البراءة وفي التأكيد على المحاكمة بوصفها الشامل، وفي جعل التقاضي مجانيا لمن لا يتوفر على موارد كافية والحق في التعويض جراء الخطأ القضائي، وفي علنية الجلسات، وصدور الأحكام المعللة، وفي كون الأحكام النهائية ملزمة للجميع، وإحداث المحاكم العادية والمتخصصة وعدم جواز إحداث محاكم استثنائية. وبذلك، ترتقي الوثيقة الدستورية بالحق في المحاكمة العادلة وضماناتها الواردة في العهد الدولي، كحقوق قانونية إلى مستوى الحقوق القانونية المدعمة بحقوق الإنسان كحقوق أصيلة وبالضمانات المؤسساتية الكفيلة بتحقيقها.
بخصوص الاعتراف بالشخصية القانونية
يحيل الفصل الواحد والسبعين من الدستور على اختصاصات البرلمان في مجال التشريع، فيما يخص نظام الأسرة والحالة المدنية والجنسية، تفعيلا للمادة 16 من العهد الدولي.
بخصوص حماية الحياة الخاصة والأسرية
يقر الدستور، وبموجب ضمانات الحماية، في الفصلين 21 و 24 على التوالي، حق الفرد في سلامة شخصه وأقربائه وحماية ممتلكاته، وفي نطاق مسؤولية السلطات المختصة، بحق الشخص في حماية حياته الخاصة وعدم انتهاك حرمة المنازل وعدم القيام بتفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات المحددة طبقا للقانون، وعدم انتهاك سرية الاتصالات الشخصية كيفما كان شكلها، أو الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها جزئيا أو كليا، إلا بأمر قضائي، ويمثل كل ذلك تفصيلا، من حيث الضمانات القانونية والقضائية، وما ورد في شأنها من مشمولات حماية الحياة الخاصة والأسرية في المادة 17 من العهد الدولي.
بخصوص حرية الفكر والوجدان والدين
يقر الفصل الخامس والعشرين من الدستور بصفة صريحة، مشمولاته من حيث حرية الفكر والرأي والتعبير، بكونها مكفولة بكل أشكالها.
وينص في نفس المجال والمستوى على أن ما يتعلق بحرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني، مضمونة. وتجدر الملاحظة أن هذه الحريات غير مقرونة بالأولى السالفة الذكر، في العهد الدولي، في مادته الثامنة عشر.
بخصوص حرية الصحافة والحصول على المعلومات
يقر الدستور، بمقتضى المادة السابعة والعشرين حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات، وأن يكون تقييدها بمقتضى القانون، وعلى الوقاية من المس بالحريات والحقوق المنصوص عليها، وحماية مصادر المعلومات ومجالاتها.
ويرسخ الدستور، استنادا إلى الفصل 28 منه المشمولات حرية الصحافة في علاقتها بالحق في التعبير ونشر الأخبار والآراء وتنظيم قطاع الصحافة، وكذا قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية، وبتخويل الهيأة العليا للسمعي البصري مهمة احترام التعددية.
ولا شك أن هذه المقتضيات وبعدما تم تحصينها بإطارات قانونية ومؤسساتية، من خلال قانون الصحافة والنشر، والقانون المتعلق بالحصول على المعلومات، قد تم إعمال المادة 19 من العهد الدولي على نحو أمثل.
بخصوص حظر الدعاية لجرائم الحرب والدعوة إلى الكراهية
يجرم الدستور، بمقتضى الفصل 23 منه، كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، وينص على معاقبة القانون على جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب. وفي نفس السياق، على كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ما تجد معه مرة أخرى، العدالة الانتقالية آثارها على صعيد الوثيقة الدستورية وبذلك تم تضمين ما ورد بالمادة 20 من العهد الدولي في الدستور.
بخصوص الحق في التجمع السلمي وحق وحرية تكوين الجمعيات والانتماء النقابي
يقر الدستور، بمقتضى الفصل 29 مكتسبات حرية التجمع ويعززها، على وجه التتميم بحريات الاجتماع والتظاهر السلمي كما يكرس حرية تأسيس الجمعيات وفي نفس المستوى يكرس حقوق الانتماء النقابي والسياسي، ويجعلها موكولة للقانون في ممارستها، مما يعد ترسيخا لما ورد في المادتين 21 و 22 من العهد الدولي.
بخصوص تكوين وحماية الأسرة وحماية هوية الطفل
يعتبر الدستور بمقتضى الفصل 32 الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي، هي الخلية الأساسية للمجتمع، التي تعمل الدولة على ضمان حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، بمقتضى القانون بما يضمن وحدتها واستقرارها والحفاظ عليها.
وبنفس المقتضى تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية بصرف النظر عن حالتهم العائلية، وفي كون التعليم حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة.
ويمثل إحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة المحدث تفعيلا لمقتضى الدستور الإطار الأمثل لتفعيل كافة حقوق الطفل، مما يمثل تجاوبا مع ما ورد في المادتين 23 و 24 من العهد الدولي.
بخصوص المشاركة في الشأن العام وإجراء انتخابات حرة ونزيهة
يقر الفصل 30 من الدستور، أن لكل مواطن ومواطنة الحق في التصويت وفي الترشيح للانتخابات العامة وفي التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، كما ينص على سن مقتضيات لتشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية مما يمثل تفعيلا منسجما مع مقتضيات المادة 25 من العهد الدولي.
بخصوص المساواة أمام القانون والتمتع بحمايته بدون تمييز
يرسخ الفصل السادس من الدستور، أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، وأن الجميع أفرادا وسلطات، متساوون أمامه وملتزمون بالامتثال له.
كما يرسخ على نفس المستوى مسؤولية السلطات العمومية في توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي الحريات المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم وعلى مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يمثل إعمالا لما ورد في المادة 26 من العهد الدولي.
بخصوص كفالة حقوق الأقليات الدينية
يعيد الدستور، من خلال الفصل 3 التأكيد على أن الإسلام دين الدولة التي تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، فيما يعد تفسيرا لالتزام الدولة بالمادة 29 من العهد الدولي.