قرار محكمة النقض: مفهوم انعدام التعليل كسبب للطعن بإعادة النظر أمامها

 3/852 قرار عدد

2014/12/24 المؤرخ في

2013/3/1/1639 ملف مدني عدد


- إعادة النظر - مجادلة - قرار النقض - انعدام التعليل - لا.

إن مقتضيات الفصل 375 من ق.م.م، لئن كانت توجب تحت طائلة الطعن بإعادة النظر أن تكون قرارات محكمة النقض معللة، فإن ما يعنيه المشرع بانعدام التعليل، هو الحالة السلبية التي تتجلى في عدم جواب محكمة النقض كلا أو بعضا عن وسيلة طعن أو دفع بعدم القبول، أما مناقشة قرارات محكمة النقض والمجادلة في أجوبتها فلا يدخل ضمن حالات انعدام التعليل المبررة لإعادة النظر.

رفض الطلب

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون 

      يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه بإعادة النظر عدد 1348 الصادر بتاريخ 2011/3/28 عن المجلس الأعلى في الملف المدني عدد 2005/3/1/2388، أن ش (س م ) ادعت بمقال أمام المحكمة الابتدائية عين عينا الشق الحي الحسني أن الأستاذ حميد الأندلسي كان مكلفا من طرفها بالدفاع عن حقوقها بصفة اعتيادية في قضايا الحجوز التي تتوصل بها من مختلف المحاكم في نطاق الحجز لدى الغير، وأنها كلفته بالدفاع عنها في ثلاث قضايا تتعلق الأولى بالحجز على أموال ت م ت لفائدة صم، والثانية بالحجز على أموال ش ف ص لفائدة ش س ب، والثالثة تتعلق بالحجز على أموال م م لفائدة سب. ومادام أنها ليس لديها حساب لفائدة المحجوز عليهم فقد وجهت رسائل مؤشرا عليها بالتوصل إلى محاميها المذكور للنيابة عنها وحضور جلسات التوزيع الحبي لإبلاغ المحكمة بعدم وجود أموال لديها والإدلاء بالتصريح السلبي، إلا أنه تخلف عن الجلسات المذكورة مما أدى إلى صدور حكم بعدم اتفاق الأطراف. وبعد توصلها بالاستدعاء لحضور جلسات التصديق على الحجز وجهت إلى محاميها رسائل مرفقة بمقالات تصحيح الحجز لحضور الجلسات عنها إلا أنه لم يقم بالإجراء المناسب، فصدرت ضدها أحكام بأداء المبالغ المأمور بحجزها وتم حجز منقولاتها حجزا تنفيذيا مما اضطرها إلى أداء المبالغ المحكوم بها عليها. وأوضحت أن المدعى عليه لم يقم بالإجراءات اللازمة. ونظرا إلى أن علاقتها معه علاقة وكالة بأجر فإنه يبقى هو المسؤول عما لحقها من ضرر مادي ثابت بالتواصيل الصادرة عن مصلحة التنفيذ) تثبت أداءها لمبلغ 2.369.526,00 درهما، أما الضرر المعنوي فثابت أيضا من خلال حجز منقولاتها وحضور القوة العمومية لإرغامها على التنفيذ ودخول المتزايدين إلى مقرها وهي كلها أمور شوهت سمعتها، وقدرت التعويض عنه في مبلغ 500.000 درهم، وطلبت الحكم لها بمبلغ إجمالي قدره 2.869526,00 درهما مع الفوائد القانونية.

وبعد جواب المدعى عليه قضت المحكمة الابتدائية بأدائه لفائدة المدعية مبلغ 286,995,26 درهما، مع إحلال ش ت (و) محله في حدود مبلغ 500.000 درهم وش (س ) في حدود مبلغ 300.000 درهم .

استأنفه المحكوم عليه كما استأنفته شات، وأثار المستأنف حميد الأندلسي أن الخبرة أثبتت أن ش ( س ب ) لم تكن تتوفر على أي مبلغ لفائدة المحجوز عليهم وقت الحجز، وبما أن مقتضيات الفصل 494 من ق م م لم تكن تطبق لكون المحجوز لديها لم تتح لها الفرصة للإدلاء بالتصريح الإيجابي أو بما تتوفر عليه، فإن المسؤولية لا ترجع إليه ولا يمكن الاحتجاج بالأحكام السالفة ضده، لأنه لم يكن طرفا فيها بصفته الشخصية، وعلى فرض أنه لم يدل بالتصريح السلبي ولم يحضر الجلسة الأولى، فإن ذلك ليس هو السبب المباشر في حصول الضرر ولا يؤدي إلى مسؤوليته، خصوصا وأن المدعية ألغت نيابته وكلفت الأستاذ محمد الفكاك لمتابعة المساطر مانعة بذلك المطلوب من الدفاع على تفسير الفصل 494 من ق م م. وبعد جواب المستأنف عليها س ب وانتهاء الردود قضت محكمة الاستئناف باعتبار استئناف ش ت (و) واستئناف حميد الأندلسي جزئيا ورد استئناف ش ت (س ) وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إحلال (ش ت و) وإخراجها من الدعوى، وتعديله وذلك بإحلال ش س ل ت محل المؤمن لديها في الأداء وتأييده في الباقي.

وطعن فيه المحكوم عليه حميد الأندلسي بالنقض في القرار تأسيسا على نقصان التعليل وعدم الجواب على الدفوع الأساسية وانعدام الأساس القانوني والتناقض في

أجزاء القرار والتطبيق للفصلين 908 و 904 من ق ل ع وخرق الفصول 494 من ق م م و 780 و 929 من ق ل ع ، كما طعنت فيه ش ت س بالنقض، فنقضه المجلس الأعلى بمقتضى القرار عدد 1347 في الملف عدد 06/513 بناء على أن البت في الدعوى يقتضي التأكد مما إذا كان الأستاذ الأندلسي قد ارتكب فعلا الخطأ المنسوب إليه أم لا، وإن ثبت هذا الخطأ التأكد مما إذا كان هو السبب المباشر في حصول الضرر. وما دام المجلس الأعلى قد أصدر القرار المذكور بتاريخ 28 مارس 2011 القاضي بنقض القرار عدد 1166، 1167، 1168 الصادر بتاريخ 2005/03/16 في الملفين المضمومين عدد 2739 وعدد 2004/2740 عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، فإن هذا النقض يؤدي بالتبعية إلى نقض القرار الصادر في الملف عدد 2005/3/1/2686 في جانبه المتعلق بمسؤولية المحامي المذكور، وذلك بصرف النظر عن الحسم في باقي وسائله. وهذا هو القرار المطلوب إعادة النظر فيه.

في شأن السبب الأول لإعادة النظر المتخذ من خرق مقتضيات الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية :

ذلك أن هذا الفصل . يبيح إعادة النظر إذا صدر القرار المطعون فيه دون مراعاة المملكة المغربية الفصل 375 من نفس القانون والقرار المطعون فيه يتضمن موطن الطالبة الحقيقي الذي هو تجزئة توفيق سيدي معروف وليس 52 شارع الحسن الثاني الدار البيضاء الذي تضمنه القرار، كما أنه لا يشير إلى النصوص المطبقة، ولا إلى مذكرة الطالبة المؤشر عليها بتاريخ 2010/1/29، ولم يجب عنها.

لكن حيث من جهة أولى، فإن القرار المطعون فيه بإعادة النظر تضمن في ديباجته عنوان المقر الاجتماعي للطالبة الوارد في مقال طعنها بالنقض، والذي لم يسبق لها أن دفعت بأنه ليس موطنها الحقيقي، وهو الذي جرت به المسطرة في مرحلة التقاضي أمام قضاة الموضوع.

ومن جهة ثانية، فلا يعيب القرار عدم تضمينه لكل الفصول القانونية المطبقة، ويكفي أن يكون موافقا للقواعد القانونية والفقهية اللازمة التطبيق على النازلة.

ومن جهة ثالثة، ينص الفصل 380 من ق م م على تطبيق القواعد العادية الخاصة بمحاكم الاستئناف فيما يخص مقتضيات المسطرة الغير المنصوص عليها في هذا الباب

وعليه فعملا بالفصل 335 من ق م م فإن محكمة النقض لا تعتبر المذكرة أو المستند الذي يقدم من الأطراف بعد صدور الأمر بالتخلي باستثناء المستنتجات الرامية إلى التنازل.

و مادامت المذكرة الموماً إليها قدمت بتاريخ 2010/11/29 وهو تاريخ الجلسة التي أدرج فيها الملف أمام محكمة النقض بجميع الغرف حسب ما أشير إليه في المذكرة ذاتها، والمقدمة بعد التخلي، فإن عدم الإشارة إليها في القرار المطلوب إعادة النظر فيه وعدم الجواب عما ورد بها ليس فيه مخالفة لمقتضيات الفصل 375 من ق م م. مما يبقى معه هذا السبب بفروعه الثلاثة على غير أساس لطلب إعادة النظر.

وفي شأن السبب الثاني المتخذ من فساد التعليل الموازي لانعدامه :

ذلك أن قرار النقض عدد 1348 صدر بالتبعية لقرار النقض عدد 1347 والحال أنه لم يشر إلى ارتباط القرارين ولا إلى عناصر هذا الارتباط في حالة وجوده، وإن أشار إلى مراجع القرار موضوع النقض مع أنه استثنى من هذه المراجع الملف عدد 2004/2741 المشار إليه في ديباجة القرار 1348 ، دون أن يشير إلى عناصر هذه التبعية، كما أن القرار يشير إلى الملف عدد 2003/3/1/2686 وهو لا يتعلق بالقرار المطلوب في إعادة النظر فيه. بالإضافة إلى أنه حمل الطالبة وحدها الصائر مع أن القرار عدد 1347 حمل المملكة المغربية. الطرف المطلوب الصائر مما ألحق بها ضررا على اعتبار أنها جزء من الطرف المطلوب، وليست وحدها مطلوبة.

لكن، حيث من جهة أولى، فإن ما أثير في الوسيلة من كون القرار 1348 يشير إلى الملف 05/3/1/2686 وهو لا يتعلق بالقرار المطعون فيه، وما أثير فيها من استثناء المرجع 04/2741 المشار إليه في ديباجة القرار، فإن ذلك لا تأثير له ما دام القرار المطعون فيه بإعادة النظر قد نص في ديباجته على أن القرار القاضي بالنقض ذي الرقم 1348 صدر في الملف عدد 05/3/1/2386 ، وما دام المرجع عدد 04/2741 قد تم عرضه في وقائع النازلة بالقرار مع بقية المراجع التي تكونه، وأشير في تعليله إلى رقم القرار الصادر بشأن ذلك المرجع وهو 1168 الصادر بتاريخ 2005/03/16 مع أرقام بقية المراجع. ولما قضت محكمة النقض في منطوق قرارها بنقض القرار المطعون فيه، فإن ذلك ينصرف إلى القرار رقم 1348 الصادر في الملف عدد 05/3/1/2386 ، ولم تميز في قرار النقض بين مراجعه الواردة في ديباجته. مما يكون معه هذا الوجه من الوسيلة على غير أساس.

ومن جهة ثانية، فإن العبرة في تحديد الخاسر للدعوى هو تحديد من استفاد من الحكم من عدمه. وما دامت ش س ب الطاعنة هي المستفيدة من القرار الاستئنافي المطعون فيه والذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من مسؤولية الأستاذ حميد الاندلسي وتعديله بإحلال ش ت س محله في الأداء فان نقض القرار المذكور في جانبه المتعلق بتحميل الأستاذ الاندلسي كامل المسؤولية ونقضه فيما يتعلق بإحلال ش ت س فإن ش س ب هي الخاسرة للدعوى أمام محكمة النقض والقرار المطعون فيه بإعادة النظر لما قضى بتحميلها المصاريف فانه طبق القانون والوجه من الوسيلة بدون أساس.

ومن جهة ثالثة فإن مقتضيات الفصل 375 من ق.م.م لئن كانت توجب تحت طائلة الطعن بإعادة النظر أن تكون قرارات محكمة النقض معللة، فإن ما يعنيه المشرع بانعدام التعليل هو الحالة السلبية التي تتجلى في عدم جواب محكمة النقض كلا أو بعضا عن وسيلة طعن أو دفع بعدم القبول. أما مناقشة قرارات محكمة النقض والمجادلة في أجوبتها بطرح آراء مخالفة لما انتهت إليه في قضائها فلا يدخل ضمن حالات انعدام التعليل المبررة لإعادة النظر. ويتبين من القرار المطعون فيه أن محكمة النقض أجابت عن كافة الوسائل المثارة. وخلافا لما بالوسائل المستدل بها فإن طلب إعادة النظر اقتصر تحت ستار خرق القانون وفساد التعليل على إعادة مناقشة علل محكمة النقض في قرارها وكيفية تطبيقها للقانون ليس ذلك من الحالات المبررة لإعادة النظر. ويكون هذا بالوجه من الوسيلة غير مؤسس

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض بجميع غرفها برفض طلب إعادة النظر. وبتحميل طالبته المصاريف القضائية، والحكم عليها بغرامة مالية مساوية للمبلغ المودع بصندوق المحكمة.

و به صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط.

أحدث أقدم